الثلاثاء، 21 يناير 2014

اللاجئون السوريون في لبنان ضحايا خضوع العمل الإغاثي لسلطة الفصائل لا الدولة


يفتقر عمل المنظمات الإغاثية والتنموية مع اللاجئين السوريين والفلسطينيين السوريين في لبنان إلى غياب وجود نظام محدّد وسلطة رقابية محدّدة قادرة على ضبط هذا العمل وحمايته والحفاظ على سلامة العاملين فيه.

فبالإضافة إلى حالات الاعتداء المتكررة على اللاجئين ومخيماتهم وسرقة أموال الإغاثة من قبل منظمات وجمعيات وأفراد مختلفين، فإن غياب الحكومة في لبنان والتوزيع الطائفي للمناطق يصعّب مهمة هذه المنظمات ويهدد حياة موظفيها مما يتسبّب بفشل العديد من المشاريع، ليظلّ الخاسر الأكبر في هذه الدوّامة هو اللاجئ.

اعتداء السكان على موظفي بعض المنظمات الدولية والمحلية في البقاع


في الثامن والعشرين من شهر كانون الأول الماضي تعرّض أعضاء من أربعة منظمات غير حكومية، إحداها دولية والأخرى محلية، إلى الاعتداء الجسدي في أرضٍ تم استئجارها لإقامة مخيم للاجئين السوريين فيها في إحدى القرى القريبة من مدينة زحلة، كما تم الاعتداء على متعهد المشروع وبعض العاملين معه، وسنتحفّظ على أسماء هذه المنظمات لأسباب تتعلق بسلامة الأشخاص الذين ساعدوا في الحصول على هذه المعلومات.

فعند حوالي الساعة الثالثة من بعد الظهر توقف العمل في المخيم بسبب قيام أحد سكان المنطقة بتهديد المتعهد بإحراق آلاته، ليتصل بدوره بالمنظمات المعنية بالمشروع، وحينما وصلوا إلى الموقع بعد نحو نصف ساعة شرع هذا الشخص بالصراخ فيهم وتحريك قطعة خشب كانت مربوطة بإحدى الرافعات. حاول والده منعه لكن دون جدوى، ثم قام بالاتصال بزملائه طالباً المساعدة، فتم تعليق العمل. وفيما كان موظفو المنظمات يغادرون الموقع تمت مهاجمتهم من قبل مجموعة من المواطنين يتراوح عددهم بين 20-25 شخصاً، وتخلل ذلك إشارات إلى أنه هذه المنظمات "تجلب اللاجئين السوريين إلى وطنهم." لم يتم تسجيل أية إصابات فيما سُرق أحد الهواتف، وعندما تم إبلاغ الشرطة قالوا: "ليست هناك حاجة للتدخل بما أنه لم يتم تسجيل وقوع إصابات."

وكان العمل في بناء المخيم قد بدأ في الخامس والعشرين من ذات الشهر، وخلال الأيام التي سبقت ذلك واجه العمل تحديات أبرزها احتجاج مجموعة من السكان وتأكيدهم على عدم رغبتهم في تواجد مخيم للاجئين بالقرب من منازلهم. وقد تم عقد اجتماعات متعددة مع السكان هناك لشرح الكيفية التي كان من المفترض أن يتم استغلال الأرض فيها ومشاركة أفراد المجتمع في هذا النشاط. في يوم الاعتداء كان قد تم التوصل إلى اتفاق بهذا الخصوص، كما أن مالك الأرض قد حصل على إذن خطي من قبل البلدية من أجل المضي قدماً في العمل.

يعتبر هذا الاعتداء أول هجوم مباشر على موظفي المنظمات غير الحكومية الدولية من قبل سكان منطقة البقاع وفي لبنان بشكل عام. ووفقاً لهذه المنظمات فإن الهجوم ناجم عن عن التوتر بين المجتمع المضيف ومجتمع اللاجئين، وقد تفاقم الموقف نتيجة لرفض أفراد المجتمع المضيف للاتفاق بين مالك الأرض والبلدية.


المنظمات الدولية بحاجة لموافقة حزب الله للعمل في بعلبك



تنتشر الحواجز والدوريات التابعة لحزب الله اللبناني في منطقة بعلبك ولاسيما في القرى القريبة من الحدود السورية، حيث يسيطر عناصر الحزب على المنطقة هناك وخاصة أنها قريبة من المناطق السورية التي تدخل فيها حزب الله في القتال إلى جانب قوات النظام ضد كتائب المعارضة.

أفاد مصدر مطلع طلب عدك الكشف عن اسمه أن سيارة تابعة أوقفت سيارة تقلّ فريقاً تابعاً لمنظمة دولية غير حكومية للحزب بالقرب من قرية إيعات في منطقة بعلبك ، علماً أن السيارة تحمل شعار المنظمة، وطلب عناصر الحزب جوازات سفر أعضاء الفريق ووثائق أخرى تتعلق بعملهم، كما سألوهم عن سبب قدومهم إلى المنطقة. من حسن الحظ أن السائق كان من سكان المنطقة فحاول تهدئة العناصر وشرح لهم طبيعة المنظمة وماهية عملها، فأعادوا الوثائق لهم وقالوا: "عندما تريدون التحرك في بعلبك عليكم إخبار أمن الحزب بذلك وإلا فسنتصرف معكم بطريقة أخرى أياً كانت الجهة التي تعملون معها."

ووفقاً للمصدر فإن أية منظمة دولية تحتاج إلى التنسيق مع منظمة محلية لتتمكن من العمل والتحرك داخل مخيمات اللاجئين المتواجدة في بعلبك ومنحهم نوعاً من الحماية، أو على الأقل التنسيق مع أحد رجال الدين أو رؤساء البلديات، إذ لا تمفي المنظمة أن تكون معروفة دولياً ومرخص لها بالعمل داخل لبنان من قبل السلطات اللبنانية.



عمل المنظمات داخل بيروت ليس أفضل حالاً



على الرغم من أن اللاجئين السوريين والفلسطينيين السوريين في العاصمة بيروت لا يقطنون في مخيمات خاصة بهم، إلا أن الغالبية العظمى منهم يتوزعون على المخيمات الفلسطينية، صبرا وشاتيلا وسعيد غواش والداعوق وبرج البراجنة، وهي مناطق تخضع لسلطة المنظمات الفلسطينية واللجان الأمنية المنبثقة عنها. لذلك تجد المنظمات والجمعيات العاملة في مجالي الإغاثة والتنمية نفسها مضطرة لكسب ود هذه المنظمات والحصول على موافقتها للشروع بالعمل منها، وذلك بغض النظر عن موافقة السلطات الأمنية اللبنانية على هذه الأعمال، حيث تقوم بإجراء تحقيقاتها الخاصة للتأكد من طبيعة عملها.



اللاجئون وحدهم من يدفع الثمن



إن حوادث الاعتداء على المنظمات، ولاسيما السورية واللبنانية منها، وتضييق الخناق الأمني عليها من قبل كل فصيل وفقاً للمنطقة التي يسيطر عليها يتسبب دوماً بعرقلة العمل الإغاثي والتنموي وتأخيره، وفي بعض الأحيان إلغائه.

إذ توصي المنظمات غير الحكومية موظفيها بجس نبض منطقة العمل قبل البدء بأي مشروع، وفي معظم الأوقات يبدو من الصعب الحصول على موافقة ورضى كل أفراد المجتمع المضيف وهو ما قد يعرض المشروع أو العاملين فيه للخطر. في هذه الحالات تطلب المنظمات من موظفيها إيقاف المشروع والبحث عن موقع بديل، حتى وإن تم الحصول على ضمانات من السلطات اللبنانية بحماية الموظفين وممتلكات المشروع، وهو ما يؤدي بالضرورة إلى تأثيرات سلبية على اللاجئين وحرمانهم من المعونات الإغاثية وخدمات المراكز الطبية والتنموية.

كما أن الخضوع لسلطة الفصائل وغياب سلطة مركزية واحدة تنظم العمل الإغاثي في لبنان واضطرار المنظمات إلى العمل مع أشخاص أو جمعيات محلية يتسبب بزيادة حالات الفساد على كل المستويات والتي لا تضر سوى باللاجئين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق