الاثنين، 1 مارس 2010

حول الحقوق والواجبات في المجتمع المدنيّ (1)

قبل أكثر من عام، عندما رُفع سعر المازوت، قامت الجهات الرسميّة بزيادة تعرفة الركوب في مركبات النقل العموميّة بنسبة تتراوح بين 40%-90%، حسب طول كلّ خط. حينها سارع سائقو هذه المركبات إلى وضع الملصقات التي توضّح التعرفة الجديدة، حتىّ إن بعضهم تعامل وفق التعرفة الجديدة قبل وضع تلك الملصقات.
الغريب في الأمر، أنّنا دوماً ندفع ما يفوق هذه التعرفة دون وعي منّا أحياناً، أو بدافع الحياء أحياناً أخرى. فعلى سبيل المثال، تعرفة الركوب في خط برزة البلد هي سبع ليرات سورية فقط، ولكنّ السائق والركّاب، على حدّ سواء، اعتادوا اعتبارها ثماني ليرات. أمّا في ساعات المساء، حيث يقلّ عدد الركّاب، يعمد بعض السائقين إلى أخذ عشر ليرات دون اعتراض من أحد.


قد يقول البعض: ما هي قيمة الليرة والليرتين؟ وهؤلاء، في الغالب، يردّون الليرات، القليلة في نظرهم، إلى السائق بدافع التعاطف معه على غلاء سعر المازوت.

أمّا في سيّارات الأجرة (التكسي)، فبات من الطبيعي أن تعطي السائق ما يفوق العدّاد بما لا يقلّ عن عشر أو خمس عشرة ليرة، كما بات من الطبيعي أن تدفع (عداد ونص) إذا كان مقصدك بعيداً، أمّا بالنسبة لمركز انطلاق البولمان والمطار وفي ساعات الليل المتأخِّرة، فينتفي دور العدّاد تماماً ليصبح الأمر (أنت وشطارتك).

ما لا يعلمه كثيرٌ من الناس أنّ السلطات المعنيّة قد قامت بإعادة تقسيم تعرفة الركوب في بعض الخطوط، لتصبح تتناسب طرداً مع المسافة، وسبب جهل الناس بهذا الأمر هو عدم قيام السائقين بوضع الملصقات الجديدة من باب استغفال الراكب.

الأمر الآخر الذي لا يعلمه معظم الناس أن العدّاد في سيّارة الأجرة قد وضع لخدمة السائق لا لخدمة الراكب، فالرقم الذي يظهر على شاشة العدّاد يُحسب كما يلي: الثلث للبنزين والثلث للسيّارة والثلث للسائق، وهذا يدحض تماماً مبدأ (عداد ونص) ومبدأ (البخشيش) تعاطفاً مع السائق.

بالطبع فإنّ هذا العدّاد لا يحتسب الرشوة التي يدفعها السائق لشرطة المرور حتّى لا يسجِّلوا المخالفة عليه، ولكن؛ أتسجّل على الراكب؟ وهل حلّ هذه المشكلة يكون بهذه الطريقة؟

قد يتّهمني البعض في هذا المقال بالبخل، وقد يتّهمني بعض آخر بالعداء الشخصيّ للسائقين، ولكن هذا لا يهمّ، فما هو مهمّ وجليّ حقّاً هنا هو أنّنا اعتدنا أن نغفل حقوقنا ونتغاضى عن المطالبة بها، لنرمي باللائمة بعدها على الحكومة، فحريٌّ بكلّ منا أن يعي حقوقه تماماً كما يعي واجباته قبل أن يسعى لحلّ مشكلاته.

يتبع..

* تم نشر هذا المقال على موقع بدنا حل الالكتروني


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق