السبت، 20 فبراير 2010

مازوتيّات


(1)
لم يعدْ أصحاب محطّات الوقود مضطرين إلى تعليق اللافتات المكتوبةِ بخطوطٍ مُستحدَثةٍ في اللغة العربيّة، والتي تصرِّحُ عمّا إذا كان "المازوت" متوفِّراً لديها أو لا، فسائقو الميكروباصات ينقلون اسم المحطّة التي وصلتها شحنة من المازوت أسرعَ من أيّةِ محطّةٍ أخباريّة، كما أنّ الازدحام على باب المحطّة، والذي صار مضرباً للمثل بدلاً من الأفران، يشكِّلُ علامةً فارقةً تبشِّر السائقين ببعضٍ من الليترات، أمّا إذا مررت بجانب محطّةٍ خاويةٍ على عروشها، فلا داعي للسؤال، لأنَّ الجواب: "ما في مازوت!"

(2)

ما إن تصرّح الحكومة عن إمكانيّة رفع أجور العاملين لدى الدولة، أو يقدّم السيد الرئيس منحةً ماليّةً لموظّفي الدولة في الأعياد، حتى يهرع أصحاب محطّات الوقود، مَثَلُهم كمَثَلِ جميع التجّار، إلى إخفاء ما تحويه خزّانات الوقود، باتّفاقٍ غير مُعلَنٍ بينهم، وذلك لبيعها فيما بعد بأسعارٍ أعلى، وبشكلٍ خاصّ إذا كان فصلُ الشتاءِ يدقُّ أجراس الأعياد، مما يصعّب الأمور على الباحثين الاقتصاديين، والذين يعزون ارتفاع الأسعار إلى زيادة الطلب على المازوت، لأنّهم، مهما بحثوا، لن يجدوا وثيقةً خطّيّةً تحوي بنود هذا الاتّفاق.


(3)

على الرغم من الصعوبة التي يلقاها بائعو المازوت الجوّالون في الوصول إلى خزّانات المواطنين، وخاصّةً في المناطق الجبليّة من دمشق، إلا أنّهم، بلا ريب، يحبِّذون هكذا مناطق، لاسيّما إذا احتوت أبنيةً مؤلَّفةً من عدّة طوابق، ويفضِّلونها على الأحياء ذات البيوت الشعبيّة المؤلَّفة من طابق واحد، أو نصفه أحياناً، وذلك يعود إلى أنّ كميّة المازوت التي تخرج من المضخّة، في المناطق والأبنية العالية، لا تساوي كميّة المازوت التي تدخل الخزّانات، ومن يسكن تلك المناطق يعرف تماماً كيف يُسرَق وهو لا حول له ولا قوّة. ولكن، إذا منعنا هؤلاء الباعة من سرقتنا علناً، قد يتركون العمل، ونبقى نحن تحت رحمة من يسرقنا في الخفاء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق