السبت، 13 فبراير 2010

أنقذوا من لم يولد من أطفالكم!


ليس بالأمر الغريب أن يكون متوسط عدد أفراد الأسرة يتراوح بين 6 – 8 أفراد. كما يُلاحظ أنّ هذا العدد يختلف باختلاف البيئة والمجتمع، كما أنّنا يمكن أن نطلق العنان لأنفسنا بوضع قاعدةٍ عامّةٍ مفادُها أنّ عدد أفراد الأسرة في المجتمعات المتخلِّفة يتناسب عكساً مع الحالة الماديّة والدَّخل السنويّ لهذه الأسرة.

فإذا مررنا بنظرةٍ سريعةٍ على شرائح هذه المجتمعات كافّة، شاملين كلّ المناطق، لوجدنا ميل سكّان الريف والبادية إلى إنجاب أكبر قدرٍ ممكنٍ من الأطفال، وفي مراحلَ مبكرةٍ من سنين الزواج، وذلك لعدّة أسباب، منها ما يتعلّق بالطبيعة العشائريّة التي ما زالت تهيمن على عادات الناس، وهذه الطبيعة تستلزم إنجاب عددٍ كبيرٍ من الأولاد لتقوية العائلة، أو لأسبابٍ أخرى كالمساعدة في أعمال الزراعة والرعي، أو لأسبابٍ أخرى تضيق السطور هنا بذكرها.


أمّا في المدن، فينخفض عدد أفراد الأسرة عمّا هو عليه في الريف والبادية، ولكن هذا لا ينفي وجود عائلاتٍ كبيرةٍ هناك.

ولكن؛ وهو ما يمكن أن تستشفَّه من معيشة الناس في الدول النامية أو "دول العالم الثالث" كما يحلو للبعض تسميتها، أن العامل المشترك المسبِّب للزيادة الكبيرة في عدد أفراد الأسرة، في كل من المدن والأرياف والبوادي، هو الفقر! فنجد مثلاً أن إحدى الأُسر، والتي يتجاوز دخلها الشهري 20000 دولاراً أمريكياً، تتكون من أبٍ وأمِّ وطفلٍ أو اثنين، في حين نجد أن عاملاً يسكن في بيتٍ بالأجرة، دخله الشهري الإجمالي يبلغ 150 دولاراً أمريكياً يوزَّع بمعظمه بين أجرة البيت والفواتير والضرائب، فلا يبقى من صافي دخله إلا ما يكفي قوت يومه، وفي أغلب الأحيان لا يكفي لذلك أيضاً، ومع ذلك يكون قد أنجب خمسة أطفال!

ابتداءً من الجذور القبليّة المحرِّضة لإنجاب عدد كبير من الأطفال، ووصولاً إلى تعدُّد الزوجات وإسكانهنّ في بيتٍ واحد، إمّا بسبب الأوضاع المعيشيّة الصعبة أو بسبب العادات والتقاليد التي تقتضي اجتماع العائلة في دارٍ واحدة، نجد أن هذه الأوضاع الاجتماعيّة والاقتصاديّة والنفسيّة تنعكس على أفراد العائلة بشكلٍ عام، وعلى الأطفال بشكلٍ خاصّ، ممّا يمهّد للإصابة بالمرض النفسيّ، وذلك لأنّ انخفاض القدرة الشرائيّة للعائلة يؤدّي في معظم الأحيان إلى حرمان الأطفال من أمور عدّة، وأهمّها التعليم، هذا بالإضافة إلى غياب الاستقلاليّة، كعدم وجود خزانة أو مكتبة خاصّة بالطفل الواحد، فضلاً عن اضطرار بعض الأطفال، وغالباً الكبار منهم، إلى العمل للمساعدة في زيادة دخل الأسرة. أما الخطر الأعظم ينجم عن غياب اهتمام الوالدين بكثير من الأمور المتعلقة بأطفالهم بسبب محاولتهم أداء الأمور الأساسيّة.

إذاً نجد من البديهي أنّه كلّما زاد عدد الأولاد في الأسرة صعب على الوالدين رعايتهم ماديّاً ونفسيّاً، ممّا يزيد فرص تعرّض الأولاد للاضطراب العاطفيّ-النفسيّ وازدياد احتمالات تعرّض الأهل للإرهاق.

من المؤكد أنّ الطفولة هي أهمّ المراحل العمريّة التي يمرّ بها الفرد، لأنّها الفترة التي يكوّن فيها شخصيّته، ويطوّر ذكاءه، ويكمل تنظيم جهازه النفسيّ، وبالتالي فإن أيّة اضطراباتٍ نفسيّة يتعرّض لها الطفل في هذه الفترة تنعكس سلباً على نمو الطفل وبناء شخصيته، وقد لا يكون التوجّه إلى تحريض الناس على تحديد النسل أمراً كافياً لتجنّب مثل هذه المشاكل، بل لابدّ من تأمين فرص العمل العادل والمثمر في آنٍ واحد، وتأمين أحسن الظروف المعيشيّة عن طريق حسن توزيع الثروات، وهذا ما لا نجده في معظم بلاد المشرق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق