الثلاثاء، 25 مايو 2010

افتتاح سفارات جديدة لبعض الدول في دمشق !

استيقظتُ صباحَ أمسٍ باكراً، ليس بسبب النشاط، بل بسبب التقلّب في حرارة الجوّ. صنعت لنفسي فنجاناً من القهوة، وآثرت شربه على الشرفة، عساني أحصل على بعضٍ من جماليّة السكينة في المدينة قبل استيقاظها.

فوجئتُ بالعلم الإيطاليّ يرفرف على سطح البناء المجاور. حقيقةً أنا لا أعرف مكان السفارة الإيطاليّة في دمشق، ولكن، على حدّ علمي، لم تكن موجودةً بالقرب منّي كلّ هذه الفترة، ولا يُعقل أنّني لم ألحظ وجودها بالقرب منّي ولو لمرّة من قبل.



إذن، فالاحتمال الأقرب إلى الصواب هو أنّ السفارة قد انتقلت حديثاً إلى هذا المبنى، أو عساها تكون إحدى المكاتب التابعة للسفارة، أو ربّما صار السفير الإيطاليّ يسكن حيّنا، وهذا أمرٌ حسنٌ أيضاً، فعلى أقلّ تقدير ستمنحنا البلديّة قليلاً من الاهتمام، وستُردم الحفرة المتموضعة في أوّل الشارع، كما قد تعمد البلدية إلى "تزفيت" شارعنا، كما قد يتمّ تخصيص حملات تنظيفٍ للحيّ بأكمله. هذه الأفكار التي غامرتني جعلت مشاهدتي للعلم الإيطاليّ في الحيّ مدعاةً للتفاؤل، وهو شعورٌ طيّبٌ لصباح يومٍ سيكون عامراً بالأعمال.

توجّهت إلى مكتبي غير البعيد عن بيتي. في الطريق، مرّت إلى جانبي سيّارةٌ يعتليها العلم البرازيليّ، فتنحيّت جانباً لأتجنّب سيّارات المرافقة والمراسم، ولكنّي فوجئت، للمرّة الثانية، بمرور سيّارة المسؤول البرازيلي وحيدةً. أظنّ أن أيّاً منكم، يا من تقرأون هذه الكلمات، لو كان في مكاني، لتعجّب مثلي تماماً من مرور المسؤول البرازيلي، الضيف، وحيداً، دونما درّاجات أو سيّارات مراسم أو حتى حاشية، فوالله لو كان المارُّ أحدَ أعضاء مجلس الشعب الموقّر -على سبيل المثال لا الحصر فحاشى أن نستطيع حصر المسؤولين أعزّهم الله- لانقطع السير لفترةٍ من الزمن.


نتيجةً لتصاعد درجات الحرارة، وإسراعي للوصول إلى المكتب لمباشرة العمل، تجاهلت مفاجأتَي الصباح، وتابعت سيري نحو مقصدي.

من حسن الحظّ أنّ المكتب يقع في الطابق الرابع، ممّا منحني إمكانيّة الإشراف على معظم الأبنية المترامية حولي، ومن نافذة مكتبي شاهدتُ أمراً عجباً: لقد تمّ استحداث سفارات وقنصليّات ومكاتب جديدة لبعض الدول مثل البرازيل والأرجنتين وإيطاليا وفرنسا وألمانيا وإنكلترا وإسبانيا، فضلاً عن ذلك، فإنّ سفراء تلك الدول جميعاً باتوا يتنقّلون في شوارع دمشق دونما تحضيراتٍ مسبقةٍ أو إجراءاتٍ أمنيّة.

رابني الأمر قليلاً، والسبب أنّي شاهدتُ السفير الإسبانيّ قد مرّ من أمام المكتب ثلاث مرّات خلال أقلّ من عشر دقائق، والغريب أنّه كان يستقلّ في كلّ مرّة سيّارةً مختلفةً، لذا اتّصلت بصديقٍ لي يعمل في وزارة الخارجيّة لأستعلم منه عن حقيقة الأمر.


أكّد لي هذا الصديق أنْ لا تعديلات قد طرأت على أماكن السفارات، كما أخبرني أنْ لا توجد أيّة نشاطات سياسيّة أو ثقافيّة تدعو لتجوّل السفراء بهذا الشكل الهستيريّ في الشوارع.

ازداد الأمر صعوبةً على قدرتي على الاستيعاب. ولكي أتجاهل ما أنا فيه من حيرة اتّصلت بأخي الصغير لأطمئنّ على امتحاناته الجامعيّة، وبعد أن نجح في التهرّب من الإجابة، طلب منّي أن أشتري له في طريق عودتي اشتراكاً من قناة "الجزيرة الرياضية" حتّى يتمكّن من متابعة مجريات كأس العالم حزيران القادم، كما طلب منّي أن أبتاع له علماً لإيطاليا كي يرفعه فوق بيتنا؛ إذ يبدو أنّ بيتنا سيصير سفارةً مُستحدَثةً لإيطاليا..!


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق