السبت، 10 أكتوبر 2020

هل بدأت واشنطن وموسكو بتقليم أظافر أردوغان؟

 


لم يكن توجّه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجمعة إلى تمديد حالة الطوارئ الوطنية المتعلقة بالأوضاع في سوريا لسنة إضافية مفاجئاً، لكن اللافت في البيان الصادر عن البيت الأبيض هو اعتبار الوجود التركي في شمالي سوريا تهديداً "غير عادي" للأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية، فضلاً عن تحميل الحكومة التركية المسؤولية المباشرة عن تعريض حياة المدنيين للخطر وتقويض الحملة الهادفة إلى هزيمة تنظيم داعش.

موقف البيت الأبيض المتشدد هذا قد يفضي، كما هو متوقع، إلى فرض عقوبات اقتصادية على تركيا، بعدما لوحّت وزارة الخارجية الأمريكية بذلك في أول رد فعل لها على تقرير يفيد بأن تركيا تواصل جهودها لاختبار منظومة الدفاع الروسية المضادة للطائرات إس-400، مؤكدة على أن هذه الصفقة  لا تزال تشكل عقبة رئيسة، سواء في العلاقات الثنائية بين البلدين من جهة، أم بين الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (التاتو).

من جانب آخر، تشهد العلافات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا توتراً متزايداً، بسبب استمرار الأخيرة في  ابتزاز الدول الأوروبية بفتح حدودها أمام "أمواج من اللاجئين السوريين"، والتهديد باستخدام القوة العسكرية ضد اليونان للسيطرة على موارد المتوسط، بالإضافة إلى انخراطها في الصراع الدائر في ليبيا ضد مصالحها عدد من الدول الأوروبية، ومؤخراً تأجيج المعارك بين أذربيجان وأرمينيا. 

كذلك الأمر بالنسبة لروسيا، التي يبدو أنها لم تعد قادرة على التغاضي عن إرسال تركيا المرتزقة السوريين للقتال في ليبيا و إقليم قره باغ، فحتى التفاهم "المؤقت" بينهما في سوريا بات عرضة للانهيار، إذ استأنفت قوات النظام السوري المدعومة من رورسيا عملياتها العسكرية في إدلب ضد الفصائل الموالية لتركيا للتأكيد على أن ما تمخضت عنه محادثات سوتشي وأستانة كان محض تأجيل للحسم العسكري.

من جهة أخرى، شرعت موسكو في التفريب بين الإدارة الذاتية وبعض تيارات المعارضة السورية، في خطوة قد تشير إلى اعتراف شبه رسمي بما تعتبره تركيا خطراً على أمنها  القومي، خاصة وأن ذلك تزامن مع تأكيد التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش على مواصلة تقديم الدعم لقوات سوريا الديمقراطية.

ملامح العزلة الدولية التي استجرها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لبلده كنتيجة منطقية لمغامراته العسكرية أسفرت كذلك عن تصاعد حدة خطاب المعارضين لسياساته، محمّلينه المسؤولية عن تراجع الاقتصاد المحلي وانهيار الليرة التركية إلى أدنى مستوى لها أمام الدولار الأمريكي تحت وطأة المخاوف من  عقوبات أمريكية وأوروبية محتملة.

رئيس الوزراء التركي السابق، أحمد داود أوغلو، انتقد مطلع أيلول الفائت ما وصفه بميل نظام أردوغان إلى الاستبداد في ظل نظام الرئاسة التنفيذية الجديد، واتهم الحكومة بإساءة إدارة سلسلة من التحديات، كالاقتصاد وتفشي فيروس كورونا المستجد، والتوتر المتصاعد في شرق البحر المتوسط.

كل ذلك، يستوجب العودة إلى الوعد الذي قطعه ترامب بتدمير الاقتصاد التركي قبل نحو سنة من الآن في أعقاب احتلال الجيش التركي والفصائل الجهادية المدعومة من قبله لعدد من المدن والبلدات على الشريط الحدودي مع سوريا مستغلاً رغبة الرئيس الأمريكي في سحب قواته من المنطقة.

كما أن هذه التطورات تدفع على التفكير بأن السماح لأردوغان بالتمادي في العبث بعديد من الملفات كان مخططاً له، لتحميل تركيا نفقات تدريب الميليشيات وتسليحها، ما يضعف اقتصادها أمام أي إجراء قد يتخذ خلال الفترة القادمة.

لكن، يبدو أن  حلم أردوغان باستعادة أمجاد العثمانيين أعماه عن عمق العلاقات الأمريكية-الروسية وطبيعة التفاهم على الصراع بينهما، وأنهما لن تسمحا بوجود قوة ثالثة تنازعهما على النفوذ، أسوة بما فعلاه مع الاتحاد الأوروبي، فكما سمحت موسكو وواشنطن ببزوغ السلطان التركي لتحقيق مكاسب جيوسياسية على حساب أطراف أخرى بالوكالة، يبدو أن مرحلة تقليم مخالبه باتت وشيكة. 

------------------------------ 

نشر هذا المقال على موقع ليفانت نيوز

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق