الاثنين، 16 فبراير 2015

نقص الدعم وسلطة الفصائل يهددان الشرطة المدنية في حلب



يعتبر جهاز الشرطة الحرة في حلب التجربة الأولى والوحيدة من نوعها في المناطق التي تسيطر عليها فصائل المعارضة المسلحة منذ اندلاع الثورة السورية منتصف شهر آذار من عام 2011، ويطلق البعض على هذا الجهاز اسم الشرطة الثورية أو الشرطة المدنية نظراً لانحصار دورها في التعامل مع المدنيين والابتعاد عن الأعمال العسكرية ضد قوات نظام الأسد.


منشقون عن النظام السوري يسعون لضبط الأمن في “المناطق المحررة”

مع نهاية عام 2012 قام عدد من الضباط وصف الضباط والعناصر المنشقين عن السلك الجنائي في النظام السوري بتشكيل هذا الجهاز برئاسة العميد أديب الشلاف، وبدأ عملهم فعلياً مطلع عام 2013 بهدف حفظ الأمن في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري، ويضم الجهاز حالياً أكثر من ألف عنصر ومئة ضابط موزعين على أكثر من 50 قسماً في مدينة حلب وريفها.

لاقت فكرة الشرطة الحرة استحسان القسم الأكبر من السكان والناشطين، نتيجة وجود حاجة ملحة إلى جهاز “يحفظ الأمن في ظل الانفلات الأمني الحاصل” من جهة، والحاجة إلى “طرف غير عسكري يتعامل مع المدنيين وفقاً لقوانين واضحة وموحدة” من جهة أخرى، كما أن الفكرة لاقت استحسان عدد من الحكومات الأجنبية، وأبرزها الحكومة الدنماركية التي تمد الجهاز بالسيارات وبعض المعدات اللوجستية غير العسكرية.

ينحصر عمل الجهاز في القضايا الجنائية التي تخص المدنيين، كجرائم القتل والسرقة والتعدي على الممتلكات العامة والخاصة وفض النزاعات، حيث يتم إجراء التحقيقات مع الموقوفين وفقاً لإجراءات وقوانين تراعي اتفاقيات حقوق الإنسان، قبل أن يتم تحويل من ثبت الجرم عليهم إلى المحاكم الشرعية، وذلك نظراً لعدم وجود جهة قضائية مدنية، فضلاً عن محاولة الجهاز “تحسين صورة الشرطي السوري” في ذهنية المواطن السوري بعد عقود من “الظلم والفساد” في أجهزة الأمن التابعة للنظام السوري، وفقاً لتصريحات ضباط في الشرطة الحرة، ولا بد من التنويه إلى أن العميد الشلاف كان قد أصدر قراراً يقضي بتشكيل قسم شرطة نسائي يضم عناصر نسائية، لكن قلة الدعم حالت دون ذلك حتى الآن.

محمد، طالب جامعي من حي بستان القصر، طالب الفصائل المسلحة بدعم الشرطة الحرة لتصبح الجهة الوحيدة المسؤولة عن أمن المدنيين، معتبراً أن الشرطة الحرة هي “الحل الأمثل” لوضع حد لتدهور الأوضاع الأمنية، منوّهاً إلى وجود “فوضى عارمة في العمل الأمني والقضائي بسبب كثرة الفصائل والمحاكم التابعة لها.”

قلة الدعم ومصالح الفصائل العسكرية قد تنهي عمل الشرطة الحرة

عمل الشرطة الحرة لم يرتق حتى الآن إلى المستوى المطلوب، ويعود ذلك إلى عدة أسباب، أبرزها قلة الدعم المادي والافتقار إلى الأسلحة والمعدات والآليات الكافية، علماً أن الرواتب التي يتقاضها أعضاء الجهاز زهيدة جداً، بالإضافة إلى رغبة بعض الفصائل المسلحة القوية في المنطقة كجبهة النصرة، وبعض المجموعات المسلحة الصغيرة، في عدم نجاح عمل الجهاز، فالأولى تسعى إلى السيطرة على مفاصل الحياة في المنطقة، والثانية ترفض فكرة استتباب الأمن مما يهدد مصالحها، كما أن تعدد الفصائل المسلحة ووجود سجن ومحكمة لكل منها يصعب من عمل الجهاز أيضاً، علماً أن الشرطة الحرة تنسق مع بعض الفصائل، وليس كلها.

أفاد ناشط إعلامي من مدينة حلب، طلب عدم الكشف عن اسمه، بأن عناصر من جبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة الجهادي قامت في الخامس من شهر كانون الثاني الماضي بالاستيلاء على سيارات ومعدات تابعة للشرطة الثورية، وفي اليوم التالي أصدر دار القضاء التابع لجبهة النصرة قراراً يقضي بـ”فك ارتباط” مراكز الشرطة في بلدات عندان وحريتان وكفرحمرة عن قيادة شرطة حلب الحرة، وذلك بحجة “تلقي الدعم من جهات أجنبية والانتماء لها”، فضلاً عن ادعاء الدار أن “الجهاز لا يقوم بالدور المطلوب منه وعناصر الشرطة غير قادرين على حماية أنفسهم لكي يقوموا بضبط الأمن”، كما عرضت الدار على هذه المراكز أن يتبعوا لها تحت مسمى آخر يختاره قضاة الدار.

من جهته اعتبر ناشط مدني من بلدة حريتان، طلب عدم الكشف عن اسمه، أن هذه الخطوة تندرج في إطار “تصفية” عمل الجهاز بهدف “التخلص منه”، مؤكداً على أن جبهة النصرة، وغيرها من الفصائل التي تسعى إلى فرض سيطرتها على ريف حلب، لا ترغب في وجود أي شكل من أشكال الحكم المدني.


** تم نشر هذا التقرير على موقع الحل السوري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق